إن حياة الإنسان على الأرض هى رحلة مع سلسلة من التغييرات الكمية والكيفية المستمرة والمتتابعة والتى تتجه بالإنسان إلى الأمام محققة بذلك النمو والاتقاء فى جوانب شخصيته كافة , ويفترض أن هذه التغييرات لا تتوقف عند سن معين وإنما تمتد بامتداد حياة الانسان , ولعل هذا يفتح بابا للحديث عن سبل تغيير أسلوب ومظاهر حياتنا( أى ثقافتنا) , فالثقافة وليدة فعل الإنسان (المادى والمعنوى) وهى أيضا سمة تميز المجتمع الإنسانى لتناقلها من جيل لآخر بالتربية.
ويعد السلوك الإنسانى أداة للتعبير عن الثقافة , فالسلوك هو انعكاس لما تعلمه واكتسبه الإنسان من معارف ومهارات ساهمت فى تمكينه من إدراك الأشياء من حوله , وتشكيل اتجاهاته , وخلق منظومة قيميه لديه , وبناء على ذلك فإن عملية تعديل أو تغيير السلوك تتطلب إحداث تغييرات معرفية ووجدانية , وعلى حد قول بياجيه لا يوجد فعل عقلى غير متأثر بالعاطفة , وبالمثل لا يوجد فعل وجدانى مجرد تماما من الفهم فكلاهما (العقل والوجدان)يتأثران بظروف التنشئة الاجتماعية والتربية .
ومن هنا تصير عملية التغيير عملية قصديه واقعية تعاونية اصلاحية هدفها التحسين والنمو والارتقاء , ولكى يحقق التغيير أهدافه فإن الأمر يتطلب تخطيطا جيدا يحدد الأهداف والغايات وكذلك الآليات المناسبة لتحقيق تطوير الحياة بشكل عام وسلوك الإنسان على وجه خاص , وإذا كنا هنا نسعى جاهدين إلى تحقيق الإرتقاء بالعملية التعليمية والتربوية من خلال نشر ثقافة الجودة داخل مؤسساتنا التعليمية فإن التغيير المطلوب هو تغيير فى السلوك والقيم داخل هذا النظام , معتمدين فى ذلك على كل السبل التى تزود العاملين والمستفيدين بمعلومات إيجابية عن الجودة وتهيئ الجميع نفسيا لقبول إدارة الجودة , وأيضا إكسابهم قيم الجودة , ولعل أبرز هذه القيم قيمة الإحسان وقيمة التعاون والعمل فى الفريق , فالإحسان يقتضى من الفرد إتقان العمل المنوط به إتقان من يعلم علم اليقين أن الله عز وجل ناظر إليه مطلع , قال رسول الله صل الله عليه وسلم :"إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه "